يوم أن سقطت الأندلس

من طرف wedad الخميس 29 مارس 2012 - 10:16

كان المشهد مهيبا يومها , حفظه الجميع ولم يفارق مخيلتهم , حفظوه في كتبهم وورثوه جيلا بعد جيل

يوم السقوط المهين لدينا , هو نفسه يوم النصر المبين لديهم , يالحكمة القدر وإرداة الله

فتلك الأيام دول , يداولها مقلب القلوب كيفما يشاء

وقف يومها أبو عبد الله محمد الثاني عشر حاكم غرناطة مذلولا باكيا يقدم مفاتيح الحمراء

" إن هذه المفاتيح هي الأثر الأخير لدولة العرب في إسبانيا، وقد أصبحت أيها الملك سيد تراثنا وديارنا وأشخاصنا

هكذا قضى الله، فكن في ظفرك رحيمًا عادلاً "

تقدم فرديناند ممسكا بالمفاتيح الغالية ولسان حاله فرحا يردد بلهفة " عادت الجنة إلينا أخيرا "

وتبدل الحال , وفارق أبو عبد الله قصور الحمراء غرناطة وهمّ بالرحيل ولكن شيئا بداخله إستوقفه

ربما كان الحسرة , حسرة علي ملك الأباء والأجداد يتركه خلفه بلا ثمن , حسرة علي حضارة عظمي أنارت الدنيا بمصابيحها , حسرة علي أندلس الحضارة والنور , حسرة علي جنة الله في أرضه , فبكي الرجل ولم يكن يملك غير البكاء , فكما قالت له أمه عائشة

" أجل , فلتبك كالنساء ملكا , لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال "

ومن هذا اليوم المهين لوقتنا هذا خرج العرب ولم يعودوا وجعل الإسبان لهم شاهدا , لا شاهدا علي عظمتهم بل شاهدا علي إنكسارهم

إنها صخرة " el último suspiro del Moro " أو زفرة العربي الأخير , ليتذكرونا بيوم حسرة أخر ملوكنا !! يوم إنكسارنا !!

وسقطت غرناطة كما سقطت غيرها ولم يتبق للفاتحين أثر , تلك حال الدنيا , وهكذا قضي الله

لكن لماذا سقطت ؟ من أضاع الحلم والجنة ؟ من أضاع الأندلس ؟

مئات السنين والسنين يبحثون عن الإجابة , ولا وجدوا إجابة شافية !!

فقط عرفوها يوما أن ضاع باقي الحلم ومنبعه , فقط عرفوها يوم أن تخلفوا جميعا وصاروا خلف كل الأمم , فقط عرفوا لماذا ضاعت الأندلس يوم أن ضاع العرب وحضارتهم , يوم أن بدّل الله الأيام عليهم !!

نعم .. كلنا أضعنا الأندلس , هكذا كان لسان حالهم

عرفوا متأخرين بمئات السنين سر سقوط الأندلس , عرفوه وقت أن سقطوا وأغرقهم الوحل

سقطوا يوم أن كفّروا بعضهم , وتقاتلوا ... سقطوا يوم أن أصبحوا أشباحا لا أصحاب رسالة وحضارة راقية

سقطت الأندلس , يوم أن سقطوا جميعا ولم يقبلوا الإختلاف ولم يقبلوا الحوار

سقطوا يوم نسوا الحياد , وإقامة عدل الله في الأرض

سقطوا حين أصبحوا حديثهم غـــوغـــــاء وكلامهم هـــراء وفعلهم ســـفـــه وحـــمــق